بعد تصنيف ويندوز كبوابة.. تغييرات شاملة من مايكروسوفت للمستخدمين

مايكروسوفت
كتب بواسطة: سماء صالح | نشر في  twitter

في خطوة تعكس استجابة حقيقية للضغوط التنظيمية الأوروبية، أعلنت شركة "مايكروسوفت" الأمريكية عن سلسلة من التعديلات الجوهرية على نظام تشغيل "ويندوز" ومتجر تطبيقاتها، موجهة بشكل خاص إلى مستخدميها في دول الاتحاد الأوروبي. وأبرز هذه التعديلات هو تخلي الشركة عن ما اعتبره الكثيرون "إجراءً مزعجًا"، والمتمثل في مطالبة المستخدمين المتكررة باعتماد متصفح "إيدج" كمتصفح افتراضي، وهو ما كان يثير استياء فئة واسعة من المستخدمين.

يأتي هذا الإعلان بعد أن صنّفت المفوضية الأوروبية نظام "ويندوز" كبوابة رئيسية لمنظومة التشغيل، ضمن إطار قانون الأسواق الرقمية (DMA)، ما يعني إخضاعه لمجموعة من القواعد التي تهدف إلى كبح الممارسات الاحتكارية، ومنح المستخدمين حرية أكبر في اختيار التطبيقات والخدمات التي يفضلون استخدامها على أجهزتهم. وفي ظل هذا الإطار، بدأت "مايكروسوفت" في تنفيذ تغييرات تدريجية التزمت من خلالها بالتوافق مع متطلبات السوق الأوروبي.


إقرأ ايضاً:في عملية رقابية دقيقة: أمانة الطائف تضبط 30 ذبيحة فاسدة منقولة من مسالخ المشاعررسمياً.. لؤي مشعبي يودّع الاتحاد في خطوة غير متوقعة

من أبرز المستجدات التي كشفت عنها الشركة، إمكانية إلغاء تثبيت متجر "مايكروسوفت" ذاته، دون أن يؤثر ذلك على استمرارية تحديث التطبيقات المُثبّتة مسبقًا. وهو تغيير يُعدّ غير مسبوق من الشركة، التي طالما حرصت على إبقاء هذا المتجر عنصرًا أساسيًا في تجربة استخدام "ويندوز". ومن المنتظر أن تتاح هذه الميزة الجديدة خلال هذا العام على أجهزة "ويندوز 10" و"ويندوز 11" في دول الاتحاد الأوروبي.

كما أكدت "مايكروسوفت" أنها لن تعاود مطالبة المستخدمين بتعيين متصفح "إيدج" كخيار افتراضي، في حال قرروا تغييره. بالإضافة إلى ذلك، أشارت إلى أن محرك البحث "بينج" سيتوقف عن فتح محتوى الإنترنت باستخدام "إيدج" حصرًا، وسيعتمد بدلًا من ذلك على المتصفح الافتراضي الذي يختاره المستخدم، مما يعزز مبدأ الشفافية واحترام رغبة المستخدم.

وتأتي هذه الخطوة ضمن سلسلة من التعديلات التي شرعت الشركة في تطبيقها منذ عام 2024، حين سمحت لأول مرة لمستخدمي الاتحاد الأوروبي بإلغاء تثبيت متصفح "إيدج" ومحرك "بينج"، بالإضافة إلى دعم تطبيقات الويب الخارجية في شريط المهام، والسماح لمصادر أخبار من جهات أخرى بالظهور ضمن الأدوات المدمجة في النظام. كما أوقفت تسجيل الدخول التلقائي لبعض خدماتها، في استجابة مباشرة لاعتبارات الخصوصية ومطالب المستهلكين.

اللافت في هذه التغييرات أنها لا تقتصر فقط على أدوات تصفح الإنترنت أو المتجر، بل تمتد لتشمل فلسفة أكثر انفتاحًا في تجربة الاستخدام، وتمنح المستخدم الأوروبي استقلالية أكبر في تهيئة نظامه حسب ما يناسبه، بعيدًا عن الضغوطات أو التوجيهات القسرية التي كانت تُفرض ضمنيًا في السابق. وهذا التوجه من مايكروسوفت يعكس رغبة في الحفاظ على وجودها القوي في السوق الأوروبي دون الدخول في صدامات قانونية قد تكلّفها الكثير، سواء على المستوى المالي أو السمعة.

يُذكر أن هذه التطورات جاءت بعد فترة قصيرة من فرض الاتحاد الأوروبي غرامات ضخمة على شركتي "آبل" و"ميتا"، بسبب خرقهما اتفاقية التسويق المباشر، مما بعث برسالة واضحة لكبرى شركات التقنية حول جدّية السلطات الأوروبية في فرض قواعد المنافسة العادلة. ورغم أن المفوضية الأوروبية أغلقت تحقيقًا منفصلًا مع "آبل" عقب إدخال الأخيرة تعديلات على شاشة اختيار المتصفح في هواتف آيفون، فإن الضغوط التنظيمية ما تزال مستمرة وتشكل عامل ضغط على سياسات عمالقة التكنولوجيا.

في خضم هذا التحول، تبدو "مايكروسوفت" أكثر مرونة من منافسيها، حيث تتجه بقراراتها الجديدة إلى التكيّف مع البيئة التشريعية الأوروبية بدل مواجهتها. وبهذا النهج، قد تنجح الشركة في تقديم نموذج يُحتذى به من حيث الالتزام التنظيمي والتوازن بين مصالحها التجارية وحقوق المستخدمين، خاصة في سوق يزداد وعيه بقضايا الخصوصية وحرية الاختيار يوماً بعد يوم.

اقرأ ايضاً
الرئيسية | اتصل بنا | سياسة الخصوصية | X | Facebook