وداعًا للسحابة،، جوجل تطلق نموذج ذكاء اصطناعي يعمل على الهاتف مباشرة
في خطوة جديدة تؤكد مضيها قدمًا نحو تقديم تجارب أكثر خصوصية واستقلالًا لمستخدميها، كشفت شركة جوجل عن تطبيق تجريبي مبتكر باسم AI Edge Gallery، يمكّن الهواتف الذكية العاملة بنظام أندرويد من تشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي محليًا دون الحاجة إلى اتصال بالإنترنت، هذا التحول يمثل نقلة نوعية في استخدام الذكاء الاصطناعي على الهواتف، إذ يحرر المستخدمين من الاعتماد الكامل على الخوادم السحابية، ويمنحهم تجربة أكثر أمانًا وتحكمًا في بياناتهم,
حتى الآن، لم يتم إدراج التطبيق في متجر جوجل بلاي، إلا أن جوجل أتاحت تحميله بصيغة APK من خلال منصة GitHub، تمهيدًا لإتاحته على نطاق أوسع في الفترة المقبلة، ولم تغفل جوجل مستخدمي أجهزة iOS، حيث أعلنت أن نسخة مخصصة لتلك الأجهزة ستصل لاحقًا، مما يشير إلى نية الشركة توسيع التجربة لتشمل جميع أنظمة التشغيل الشائعة.
إقرأ ايضاً:"عيد الأضحى": استشاري قلب يحذر من 4 مخاطر صحية للإفراط في اللحوم الحمراءيوم عرفة: "الصحة" ترصد حالات إجهاد حراري وتوجه نصائح عاجلة للحجاج
اللافت في هذا التطبيق أنه لا يتطلب اتصالًا بالإنترنت ليعمل، وهو ما يجعله مختلفًا تمامًا عن تطبيق Gemini الذي أطلقته جوجل في وقت سابق، وكذلك عن تطبيقات أخرى شهيرة مثل ChatGPT من OpenAI، ففي حين تعتمد تلك التطبيقات على إرسال الطلبات إلى خوادم سحابية لمعالجتها، يعمل AI Edge Gallery بشكل كامل على الجهاز نفسه، مما يعني أن المستخدم لا يحتاج إلى تحميل بياناته أو مشاركتها مع أطراف خارجية، وهو ما يمثل عامل جذب كبير لمستخدمي الهواتف القلقين بشأن الخصوصية الرقمية.
تجربة استخدام التطبيق تحمل طابعًا تقنيًا متقدمًا، إذ تقدم واجهته الرئيسية ثلاث أدوات محورية: الأولى هي أداة "Ask Image" والتي تسمح للمستخدم برفع صورة والحصول على إجابات وتحليلات ذكية حول محتواها، وهي ميزة تعتمد على رؤية حاسوبية مدمجة قادرة على فهم السياقات البصرية، أما الأداة الثانية فهي "Prompt Lab"، والتي تتيح إنشاء وصياغة النصوص، سواء عبر التلخيص، أو إعادة الصياغة، أو حتى إنتاج الشفرات البرمجية، في حين تقدم الأداة الثالثة "AI Chat" تجربة محادثة طبيعية مع نموذج ذكاء اصطناعي متطور.
المثير للاهتمام أن التطبيق يأتي مزودًا بأربعة نماذج ذكاء اصطناعي مثبتة مسبقًا، يمكن للمستخدمين الاختيار من بينها لتجربة إمكانات متعددة في المعالجة والفهم، كما أتاح المطورون خيارًا لإضافة نماذج جديدة من خلال زر "إضافة +" في الواجهة الرئيسية، وهي ميزة تمنح المستخدم مرونة أكبر في استكشاف تقنيات مختلفة حسب اهتماماته أو احتياجاته، وكل ذلك يتم تشغيله محليًا على معالج الهاتف أو وحدة الرسوميات (GPU)، بما يعزز من سرعة الأداء ويخفف من استهلاك الإنترنت والطاقة.
الغاية الأساسية من هذا التطبيق ليست استهلاكية بالدرجة الأولى، بل توجهه جوجل نحو فئة المطورين والمستخدمين التقنيين الذين يهتمون باختبار إمكانيات الذكاء الاصطناعي في بيئات محلية آمنة، ففي ظل تصاعد المخاوف المرتبطة باستخدام التطبيقات السحابية، يقدم AI Edge Gallery نموذجًا جديدًا لتجربة الذكاء الاصطناعي، تركز فيه الشركة على مفاهيم الاستقلالية والسيطرة الكاملة على البيانات.
وتشكل هذه الخطوة مؤشرًا واضحًا على رؤية جوجل للمستقبل، إذ تسعى الشركة إلى تعزيز وجود الذكاء الاصطناعي كعنصر مدمج في بنية النظام التشغيلي نفسه، فقد لا يمر وقت طويل قبل أن نرى أجهزة أندرويد مزودة بإعدادات متقدمة تتيح للمستخدم تحميل النماذج المفضلة لديه واستدعاءها محليًا في أي وقت، تمامًا كما تفعل بعض الميزات التجريبية في Gemini حاليًا.
تطبيق AI Edge Gallery ليس فقط تجربة تقنية جديدة، بل هو إعلان واضح من جوجل عن بداية عصر جديد من الذكاء الاصطناعي الشخصي، حيث تكون نماذج الذكاء التوليدي متاحة في جيب كل مستخدم، تعمل بأعلى كفاءة دون الحاجة إلى شبكة أو خادم، وتمنح المستخدم حرية مطلقة في كيفية استخدام التكنولوجيا، ومع توسع هذه التطبيقات وانتقالها من أيدي المطورين إلى الجمهور العام، فإن طبيعة استخدام الهواتف الذكية قد تتغير إلى الأبد.
هذا التحول، إذا ما أثبت نجاحه، قد يشجع باقي الشركات التقنية الكبرى على اللحاق بركب جوجل، والبدء في تطوير تطبيقات مشابهة تعمل محليًا، وما بين اعتبارات الخصوصية وتسارع تطور قدرات الأجهزة، يبدو أن عصر الذكاء الاصطناعي المحمول قد بدأ للتو، وهذه مجرد أولى ملامحه.