خدمات الحج تحت المراقبة: 86 خدمة تقيم في مكة والمدينة والمشاعر

بدأ المركز الوطني لقياس أداء الأجهزة العامة "أداء" رسميًا أعماله الميدانية لقياس جودة وكفاءة الخدمات المقدمة لحجاج بيت الله الحرام خلال موسم حج هذا العام 1446هـ، وذلك ضمن إطار شامل يهدف إلى تعزيز تجربة الحاج، وتحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030، التي تضع خدمة ضيوف الرحمن في مقدمة أولوياتها، ويُجسّد هذا المسعى إحدى صور العناية الفائقة التي توليها المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين - حفظهما الله - في سبيل تقديم تجربة حج استثنائية، ترتكز على الجودة، والسرعة، والتكامل في الأداء.
وتُعد هذه العملية السنوية التي يُجريها المركز بمثابة مرآة دقيقة تعكس مستوى أداء الجهات الحكومية المشاركة في تنظيم الحج، حيث يشمل قياس هذا الموسم 86 خدمة تُقدم من قبل 17 جهة حكومية مختلفة، تشمل مراحل متعددة من رحلة الحاج، بداية من لحظة استخراج التصاريح، ومرورًا بتجهيزات السفر، وصولًا إلى أداء المناسك والتنقل بين المشاعر المقدسة، وختامًا بزيارة المسجد النبوي الشريف ثم مغادرة الحجاج إلى بلدانهم، هذا التنوع الزمني والمكاني يعكس حجم التحدي ومدى تعقيد منظومة الحج، التي تتعامل مع ملايين من الحجاج في فترة زمنية قصيرة وضمن مساحة جغرافية محدودة.
إقرأ ايضاً:بن نافل يحلّق إلى باريس لإنهاء صفقات الهلال: تحركات حاسمة قبل مونديال الأندية«الشؤون الإسلامية» تُعلنها: 437 جامعًا ومصلى جاهزة لعيد الأضحى في الباحة!
وأكد المدير العام للمركز الوطني لقياس أداء الأجهزة العامة، المهندس راشد بن عبدالله القعود، أن ما تقوم به المملكة في سبيل خدمة ضيوف الرحمن ليس مجرد واجب إداري أو تنظيمي، بل هو امتداد لرؤية استراتيجية واضحة تهدف إلى الارتقاء بمستوى جودة الحياة الدينية والتجربة الروحانية التي يعيشها الحجاج، وأوضح أن المركز، ومن خلال أدواته العلمية والمنهجية، يسعى إلى تقديم تقييم دقيق وموضوعي لمستوى الخدمات، اعتمادًا على استبانات إلكترونية تُوزَّع على الحجاج، إلى جانب مقابلات ميدانية مباشرة، فضلاً عن الاعتماد على "الحاج الخفي" الذي يتقمص دور الحاج ليرصد واقعيًا جودة الخدمات، ومدى تفاعل الجهات مع الحاج من دون معرفة مُسبقة من مقدّمي الخدمة.
ولفت القعود إلى أن القياس لا يقتصر على الخدمات المقدمة في مواقع الشعائر فقط، بل يشمل منظومة واسعة من المواقع ذات الأهمية الاستراتيجية في موسم الحج، على رأسها الحرم المكي الشريف، والحرم النبوي الشريف، والمشاعر المقدسة في منى وعرفات ومزدلفة، بالإضافة إلى مطار الملك عبدالعزيز الدولي بجدة، ومطار الأمير محمد بن عبدالعزيز الدولي بالمدينة المنورة، باعتبارهما البوابتين الأساسيتين لوصول ومغادرة الحجاج.
الهدف النهائي لهذا الجهد الوطني هو تقديم صورة شاملة تُسهم في اتخاذ قرارات تطويرية مبنية على بيانات دقيقة وتجربة واقعية، بما يضمن التحسين المستمر لأداء الجهات المشاركة في الحج، ويرفع من كفاءة العمل الميداني، ويعزز رضا الحاج الذي يمثل البوصلة الأساسية لجميع هذه الجهود، ويعمل المركز على إطلاع الجهات الحكومية على نتائج القياس بشكل فوري، لتتمكن من إجراء التحسينات اللازمة بشكل متزامن مع سير الموسم، وهو ما يُعد ميزة نوعية تُسهم في إدارة الحج بمرونة عالية وفعالية أكبر.
وتُعد هذه المبادرة امتدادًا للتوجهات الاستراتيجية للمملكة في تبني الحلول الرقمية والتقنية الحديثة في تقييم الأداء الحكومي، وترسيخ مبدأ الشفافية والمحاسبة، كما تُبرز التكامل بين المؤسسات في سبيل تحقيق هدف وطني أسمى، يتمثل في إرضاء ضيوف الرحمن وتقديم تجربة إيمانية لا تُنسى، كما أن استمرار هذا النهج السنوي يساهم في تعزيز مكانة المملكة عالميًا باعتبارها نموذجًا يُحتذى في إدارة الحشود، وتنظيم المناسبات الدينية الكبرى بكفاءة غير مسبوقة.
إن ما يُقدمه المركز الوطني لقياس أداء الأجهزة العامة اليوم من جهود رصد ومتابعة دقيقة يعكس التزامًا وطنيًا صادقًا نحو تحسين الخدمات العامة، خصوصًا في موسم الحج الذي يُعد التحدي الأكبر والأبرز في أجندة العمل الحكومي، نظرًا لما يتطلبه من تنسيق عالٍ بين مختلف القطاعات، وحرص كبير على التفاصيل التي تُحدث الفرق في تجربة الحاج، ويستمر هذا العمل حتى نهاية الموسم، لتُرفع بعدها تقارير شاملة تسهم في صياغة السياسات المستقبلية، بما يضمن تقديم موسم حج أفضل عامًا بعد عام، تحقيقًا لرؤية طموحة تسعى إلى أن تكون تجربة الحج في المملكة تجربة نموذجية للعالم أجمع.