توجيهات طبية لحجاج بيت الله: كيف تتجنب الجفاف في موسم الحج؟

في إطار الجهود التوعوية التي تسبق موسم الحج، أطلق تجمع القصيم الصحي حملة إرشادية تستهدف حجاج بيت الله الحرام، محذرًا من المخاطر الصحية المرتبطة بارتفاع درجات الحرارة والإجهاد البدني خلال أداء المناسك. وركز التجمع في حملته على قضية الجفاف، بوصفه من أبرز المشكلات الصحية التي قد تواجه الحجاج في ظل الأجواء الحارة والازدحام الشديد، داعيًا إلى اتباع عدد من الإرشادات البسيطة ولكن الفعالة في الحفاظ على توازن الجسم وسلامته خلال أيام الحج، وتندرج هذه الحملة ضمن استراتيجية أوسع لتكريس مفهوم "حج بصحة"، الذي يهدف إلى تمكين الحاج من أداء المناسك براحة وأمان، بعيدًا عن أي مضاعفات صحية يمكن تفاديها بالوعي والسلوك الوقائي.
تجمع القصيم الصحي، في بيانه، شدد على أن شرب كميات كافية من المياه هو حجر الزاوية في الوقاية من الجفاف، مؤكدًا أن العطش ليس دائمًا مؤشرًا كافيًا على حاجة الجسم للسوائل، إذ قد تبدأ علامات الجفاف قبل أن يشعر الإنسان بالعطش الشديد، ولذلك، نصح الحجاج بالحرص على شرب الماء بشكل منتظم خلال اليوم، حتى إن لم يشعروا بالعطش، خاصة عند المشي لمسافات طويلة أو الوقوف لفترات ممتدة، وهي من المشاهد المتكررة خلال التنقل بين المشاعر المقدسة.
إقرأ ايضاً:ثلاثة فرق على حافة الهبوط في دوري روشن.. والجولة الأخيرة تحسم المصيرالجوازات تكشف إحصائيات قدوم الحجاج لموسم 1446هـ
وأضاف البيان أن تناول الأطعمة الغنية بالسوائل، مثل الفواكه والخضروات الطازجة، يُعد مكملًا رئيسيًا للحفاظ على توازن السوائل في الجسم. وأوضح أن هذه الأنواع من الأطعمة لا توفر فقط الماء، بل تمنح الحاج أيضًا عناصر غذائية مهمة تساعد على مقاومة الإرهاق وتعزيز المناعة، وهو ما يجعلها خيارًا مثاليًا في بيئة مرهقة كبيئة الحج.
ولم يغفل التجمع الإشارة إلى أهمية الوقاية من التعرض المباشر لأشعة الشمس، حيث دعا الحجاج إلى استخدام المظلات القماشية أثناء التنقل، سواء في المشي أو أثناء الانتظار في الساحات المكشوفة. كما أوصى باختيار الأوقات المناسبة للتنقل، وارتداء الملابس القطنية الفاتحة، والنظارات الشمسية، وتطبيق واقي الشمس على المناطق المكشوفة من الجلد، باعتبارها إجراءات بسيطة تقي من الإجهاد الحراري وضربات الشمس، التي قد تصل في بعض الحالات إلى حد الخطورة، خصوصًا بين كبار السن أو من يعانون من أمراض مزمنة.
التجمع لفت أيضًا إلى أن ارتفاع درجة الحرارة المصحوب بالجهد البدني الكبير، كما يحدث في مناسك الحج، قد يؤدي إلى حالات طبية مثل الصداع والدوخة والتشنجات العضلية، وقد تتطور الأعراض إلى فقدان الوعي أو الفشل الكلوي إذا لم يتم التعامل مع الحالة في وقت مبكر. لذلك، فإن الوقاية تظل الوسيلة الأنجع، عبر توفير بيئة صحية للحاج ورفع مستوى وعيه بالمخاطر المحتملة وسبل مواجهتها.
ومن خلال هذه النصائح، يوجه تجمع القصيم الصحي رسالة واضحة إلى أن الحفاظ على الصحة لا يقل أهمية عن أداء الشعائر نفسها، وأن الحاج الواعي هو الذي يُعد نفسه بدنيًا ونفسيًا وروحيًا لهذا الموسم، متسلحًا بالمعلومات الكافية حول كيفية التعامل مع التغيرات المناخية والتحديات الصحية، كما أن هذه التوجيهات تعكس مدى جاهزية القطاعات الصحية في المملكة لخدمة ضيوف الرحمن، سواء عبر التوعية المسبقة أو من خلال فرق الرعاية الصحية الميدانية المنتشرة في المشاعر.
كما يأتي هذا التحرك في سياق التكامل بين مختلف الجهات الحكومية في المملكة، التي تعمل سنويًا على إنجاح موسم الحج من جميع الجوانب، بما في ذلك الجانب الصحي الذي يُعد حجر الأساس في تمكين الحاج من أداء المناسك بأمان، ولا شك أن المبادرات مثل "حج بصحة" تعبّر عن مدى التطور في الفكر الإداري والتوعوي لدى الجهات الصحية، إذ لم تعد تكتفي بتقديم العلاج بعد وقوع المشكلة، بل تبادر إلى تعزيز الوقاية كخيار استراتيجي يضمن سلامة أكبر عدد ممكن من الحجاج.
وفي ظل ازدياد أعداد الحجاج عامًا بعد آخر، يُتوقع أن تتسع دائرة هذه الحملات التوعوية، لتصل إلى الحجاج في أماكن إقامتهم قبل قدومهم إلى مكة، باستخدام وسائل التواصل الحديثة والمنصات الرقمية، لتصبح الوقاية الصحية جزءًا من الثقافة العامة المرتبطة بالحج، ولترسخ قناعة راسخة بأن الصحة الجيدة مفتاح لحج مبرور وسعي مشكور.