دراسة ألمانية: العطور قد تهدد صحتنا بتفاعلات كيميائية غير مرئية

تفاعلات خطيرة سببها العطور
كتب بواسطة: صالح سدير | نشر في  twitter

في تحذير علمي لافت، كشفت دراسة حديثة أجراها معهد ماكس بلانك الألماني أن استخدام منتجات العناية الشخصية مثل العطور ومرطبات الجلد قد يؤدي إلى تفاعلات كيميائية غير متوقعة حول أجسامنا، ما يثير القلق بشأن تأثيراتها المحتملة على الصحة، وأكد الباحثون أن هذه المنتجات قد تتداخل مع "مجال الأكسدة البشري"، وهو نظام دفاعي كيميائي تم اكتشافه مؤخرًا ويعمل كمطهّر طبيعي للهواء المحيط بالجسم.

ويتكوّن هذا المجال من جذور الهيدروكسيل (OH)، وهي جزيئات شديدة التفاعل تتشكل عندما يتفاعل ما ينبعث من الجلد مع ملوثات الأوزون في الهواء، وتكمن أهميته في كونه يُسهم في تحييد المواد الضارة المتطايرة ويقلل من آثارها السامة، لكن المفاجأة التي رصدتها الدراسة أن مركبات مثل الإيثانول والفينوكسي إيثانول، الشائعة في مستحضرات العناية، يمكن أن تضعف هذا المجال الحيوي بنسبة تصل إلى 34 بالمئة، ما يجعل الجسم أكثر عرضة لاستنشاق ملوثات ضارة ونواتج كيميائية جديدة غير مفهومة حتى الآن.


إقرأ ايضاً:وزارة المالية تعتمد آلية جديدة لحوكمة تأسيس وتملك الجهات العامة للشركات بالسعوديةهل يشكل جهاز OpenAI الجديد نهاية الشاشة في حياتنا اليومية؟

وفي تجربة عملية داخل غرفة محكمة الإغلاق ودرجة الحرارة، راقب الباحثون سلوك المركبات الكيميائية المنبعثة من الأجسام بعد استخدام مستحضرات العناية، حيث تبيّن أن تركيز هذه المواد عند منطقة الأنف كان أعلى بمقدار 2.8 مرة من الهواء العام في الغرفة، حتى بعد مضي عشر دقائق على وضعها، وتزايد الأمر تعقيدًا عندما أُضيف الأوزون، إذ تبيّن أن المستحضرات تعطل آلية تكوّن جذور الهيدروكسيل، ما يعوق قدرة الجسم على مقاومة الملوثات الهوائية.

وأشار الباحثون  إلى أن خطورة هذه التفاعلات تكمن في أنها تحدث مباشرة عند منطقة التنفس وعلى سطح الجلد، دون أن يشعر بها الإنسان، مما يزيد من احتمالية التعرض لمواد كيميائية مجهولة التأثير، ورجّحوا أن هذه المواد قد تكون ضارة على المدى البعيد، خاصة في الأماكن المغلقة مثل المكاتب والمنازل التي تفتقر للتهوية الطبيعية، الأمر الذي يفتح الباب أمام ضرورة مراجعة معايير السلامة البيئية في المساحات الداخلية.

وفي تعليق على نتائج الدراسة، شدد البروفيسور جوناثان ويليامز، أحد المشاركين في البحث، على أهمية إعادة التفكير في كيمياء الهواء داخل الأماكن المغلقة، مؤكدًا أن الأجسام البشرية تلعب دورًا كيميائيًا نشطًا قد يغير تركيبة الهواء من حولها بشكل غير محسوب، وهو ما يفرض تحديات جديدة في مجال الصحة البيئية، وأضاف أن هذا الاكتشاف يستدعي إجراء المزيد من الأبحاث لفهم التأثيرات بعيدة المدى لهذه التفاعلات اليومية غير المرئية.

وتفتح هذه النتائج نقاشًا جديدًا حول مدى أمان المنتجات الشائعة التي نستخدمها دون تفكير، كما تدعو لإعادة النظر في مكونات مستحضرات العناية، خصوصًا تلك التي تستخدم في بيئات مغلقة أو سيئة التهوية، ويبدو أن العطور، رغم جاذبيتها، قد تكون أحد العناصر التي تساهم في تشكيل بيئة هوائية ملوثة حول أجسامنا دون أن ندرك ذلك.

اقرأ ايضاً
الرئيسية | اتصل بنا | سياسة الخصوصية | X | Facebook