لتعزيز الابتكار الصناعي والتوسع الدولي: الإمارات تطلق برنامجًا عالميًا لتبادل الشركات الناشئة

الإمارات تطلق برنامجًا عالميًا لتبادل الشركات الناشئة
كتب بواسطة: فائزة بشير | نشر في  twitter

في حدث وصفه خبراء الصناعة بأنه نقلة نوعية في مسار الابتكار والتعاون الدولي، كشفت دولة الإمارات العربية المتحدة اليوم، عبر وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، عن إطلاق "برنامج التبادل العالمي للشركات الناشئة"، وذلك خلال الدورة الرابعة لمنصة "اصنع في الإمارات"، التي تستضيفها العاصمة أبوظبي في مركز أبوظبي الوطني للمعارض حتى الثاني والعشرين من مايو الجاري.

ويُعد البرنامج الجديد مبادرة استراتيجية غير مسبوقة، تهدف إلى بناء جسر عالمي يربط بين رواد الأعمال من الإمارات ومختلف دول العالم، ويمنحهم فرصًا متكاملة للتوسع والوصول إلى أسواق جديدة، بالتوازي مع تعزيز البيئة الابتكارية محليًا، وتوطين التكنولوجيا الصناعية المتقدمة، بما يعزز من تنافسية الاقتصاد الوطني في حقبة ما بعد الثورة الصناعية الرابعة.


إقرأ ايضاً:من يستحق ومن لا؟ حساب المواطن يعلن نتائج أهلية يونيو الدورة 91بذكاء وتصميم أنيق: شاومي تدخل سوق الميكرويفات المنزلية

وتستند رؤية البرنامج إلى هدف محوري يتمثل في تحفيز الابتكار من خلال التبادل المعرفي، وتوفير بيئة خصبة لتفاعل الشركات الناشئة الإماراتية مع نظيراتها العالمية، وبحسب ما أعلنته الوزارة، فإن المرحلة التجريبية الأولى من البرنامج ستنطلق رسميًا في سبتمبر 2025 بالشراكة مع اليابان، على هامش معرض أوساكا العالمي، في تعاون وثيق مع وزارة الاقتصاد والتجارة والصناعة اليابانية.

وستستقبل الإمارات في أكتوبر المقبل دفعة من الشركات اليابانية الناشئة، لبدء أولى فعاليات التبادل العملي، في خطوة تعكس عمق العلاقات الإماراتية اليابانية من جهة، وتوجه الدولة نحو استقطاب التكنولوجيا الدقيقة وتطبيقاتها الصناعية من جهة أخرى، وهو ما يفتح آفاقًا جديدة للتعاون متعدد المستويات، وتكامل القدرات الصناعية بين الطرفين.

ويشكل البرنامج منصة ديناميكية تستوعب التبادل المعرفي والخبراتي بين رواد الأعمال، وتوفر لهم أدوات التوسع والدخول إلى أسواق متعددة بآليات عملية وممنهجة، إذ من المقرر أن تحتضن كل دورة من البرنامج ما بين 10 و12 شركة ناشئة يتم اختيارها بناءً على مجموعة من المعايير التقنية والابتكارية الدقيقة، وسيحظى المشاركون بفرص دعم متكاملة، تشمل التوجيه والإرشاد من خبراء عالميين، والتدريب العملي.

بالإضافة إلى إمكانية الوصول إلى مستثمرين استراتيجيين وشبكات أعمال دولية، ما يعزز من فرص بناء شراكات تجارية حقيقية طويلة الأمد، ويستهدف البرنامج قطاعات صناعية متعددة، من أبرزها التكنولوجيا النظيفة، والروبوتات، والتصنيع الذكي، والتقنيات الحيوية، والذكاء الاصطناعي، باعتبارها المحركات الأساسية لصناعات المستقبل.

ورغم أن الانطلاقة الأولى ستتم بالشراكة مع اليابان، فإن وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة أكدت في تصريحات رسمية أن البرنامج يندرج ضمن خطة توسعية شاملة، تتضمن التعاون مع دول صناعية رائدة أخرى في آسيا وأوروبا وأمريكا الشمالية.

وتهدف هذه الخطة إلى تأسيس شبكة دولية مترابطة من الشركات الناشئة، تتيح تبادل الخبرات والتقنيات، وتُسهم في تطوير حلول صناعية مبتكرة لمواجهة تحديات سلاسل الإمداد، والطاقة، والاستدامة، كما تسعى الدولة من خلال هذه المبادرة إلى توظيف قدراتها اللوجستية، وبنيتها التحتية المتقدمة، لجذب الكفاءات العالمية، وتحويل الإمارات إلى محطة مركزية لانطلاق الشركات الناشئة نحو أسواق إقليمية وعالمية أوسع.

ويأتي هذا البرنامج في سياق منظومة متكاملة من المبادرات الاستراتيجية التي أطلقتها الإمارات مؤخرًا، مثل "برنامج الثورة الصناعية الرابعة"، و"برنامج القيمة الوطنية المضافة"، و"اصنع في الإمارات"، وكلها تصب في هدف واحد: تعزيز القطاع الصناعي الوطني، وزيادة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي، ورفع معدلات الابتكار والإنتاجية.

ويُعد "برنامج التبادل العالمي للشركات الناشئة" امتدادًا طبيعيًا لهذا التوجه، من خلال التركيز على الشركات ذات الطابع الابتكاري، وربطها بمنصات تصنيع وتمويل متقدمة، ما يعزز من فرص نجاحها واستدامتها في بيئة اقتصادية تنافسية وسريعة التحول.

ومن منظور أشمل، يعكس البرنامج الجديد الرؤية الاستشرافية لقيادة الدولة في بناء اقتصاد مستدام قائم على المعرفة، حيث لا تقتصر أهميته على تمكين الشركات الناشئة فقط، بل يتجاوز ذلك إلى رسم صورة جديدة لدور الإمارات كلاعب رئيسي في الاقتصاد الصناعي العالمي.

كما يُنتظر أن يُسهم في خلق جيل جديد من رواد الأعمال الإماراتيين، المتمرسين على إدارة الأعمال في بيئات دولية متنوعة، وقادرين على تحويل التحديات إلى فرص حقيقية للنمو، ويُراهن على البرنامج في أن يصبح بوابة استراتيجية لتوطين المهارات المستقبلية، ودعم الصناعات ذات القيمة المضافة العالية، وجذب الاستثمارات النوعية إلى السوق الإماراتي.

ويؤكد مسؤولون وخبراء أن البرنامج قد يشكل فارقًا حقيقيًا في تعزيز التعاون الدولي في مجال الابتكار الصناعي، لا سيما مع وجود توجه عالمي متزايد نحو الاقتصاد القائم على التكنولوجيا والتخصصات الدقيقة، ومن خلال بناء تحالفات دولية تستند إلى المصالح المشتركة، تسعى الإمارات إلى لعب دور محوري في رسم خريطة الابتكار في القرن الحادي والعشرين، بما يضمن لها ريادة نوعية على المستويين الإقليمي والعالمي.

وبذلك، لا يُعد البرنامج مجرد مبادرة تجريبية، بل خطوة استراتيجية مدروسة، تجسد التزام الدولة بتعزيز دور الشركات الناشئة كمحرك رئيسي للنمو، وتعكس الرغبة الجادة في أن تكون الإمارات مختبرًا عالميًا مفتوحًا للتكنولوجيا والصناعة والابتكار.

اقرأ ايضاً
الرئيسية | اتصل بنا | سياسة الخصوصية | X | Facebook